سعيد ياسين (القاهرة)

جاء أول ظهور للفنان أحمد مظهر عام 1951 في فيلم «ظهور الإسلام»، أمام كوكا وعماد حمدي وعباس فارس وسراج منير وزكي إبراهيم وكمال ياسين وعبدالمنعم إبراهيم وعبدالحفيظ التطاوي وسعد أردش، عن قصة «الوعد الحق» لعميد الأدب العربي طه حسين، وسيناريو وإخراج إبراهيم عزالدين، وكان أول فيلم ديني في السينما المصرية.
وقال المؤرخ والكاتب وسام أبو العطا إن «ظهور الإسلام» كان يضم مشاهد كثيرة عن الحروب والخيول والمبارزة، ولم يكن يوجد وقتها كومبارس مدربين على ركوب الخيل واستخدام السيوف، فتم الاستعانة بكتيبة من سلاح الفرسان في القوات المسلحة المصرية، وكان البكباشي أحمد مظهر هو قائد هذه الكتيبة، وأثناء التحضير للفيلم فكر مخرج الفيلم إبراهيم عزالدين في إسناد دور ياسر بن عامر والد عمار بن ياسر لأحمد مظهر، لكن أثناء التصوير وبعدما نظر المخرج في الكاميرا غيّر رأيه، وأخبر مظهر أنهم سوف يسندون له دوراً آخر، هو دور «عمرو بن هشام» (أبو جهل) أعتى المشركين وعدو الله ورسوله، فاستغرب مظهر وسأله عن سبب تغيير رأيه، فأخبره أن شكله في الكاميرا «ملامحه قاسية»، وأنه يصلح ليكون واحداً من الكفار وليس الصحابة، ولم يكن مظهر يملك أن ينسحب من الفيلم لأنه مكلف من القوات المسلحة بهذه المهمة، فجسد الدور على مضض، وكان أول ظهور له، وأيضاً لشخصية (أبي جهل) في السينما المصرية، وكانت جملة الحوار الأولى له في الفيلم، هي: «أترون إذن أن محمداً فض خلافكم بالحسنى، وأنه قد حكم بينكم بما أرضاكم جميعاً، أليس كذلك»؟، وكان المشهد في «دار الندوة» التي يجتمع فيها سادة قريش، وكان يفترض أن (أبا جهل) حزيناً لأن كل القبائل سمعت كلام النبي محمد في مسألة الخلاف حول وضع الحجر الأسود في الكعبة، وأثر هذا الموقف كثيراً في مظهر، وتسبب كلام المخرج عن ملامحه القاسية في أن يعيد النظر في مسألة التمثيل عموماً، إلى أن عرض عليه صديقه المخرج عزالدين ذو الفقار دوراً في فيلم «رد قلبي» وكان أيضاً دورا شريرا، لكنه اضطر لتجسيده تحت ضغط من صديق عمره الأديب يوسف السباعي مؤلف الفيلم الذي أقنعه أن الفيلم يعتبر في صالح ثورة يوليو، وفي صالح صديقهما المشترك جمال عبدالناصر، وبعد نجاح الفيلم اكتشف مظهر أن كل المشاهدين كرهوه في الشخصية، لدرجة أن الرئيس جمال عبدالناصر حين حضر العرض الخاص للفيلم، هنأه على الدور، وقال له إنه أدى دور «البرنس علاء» ببراعة، وكأنه واحد من العائلة المالكة، ودفعت كلمات الرئيس عبدالناصر أحمد مظهر لأن يكمل مشواره في التمثيل، ولكنه قرر أن لا يقدم أدواراً شريرة بعد ذلك، وطوال مسيرته الفنية التي استمرت من 1951 وحتى وفاته في 8 مايو 2002 والتي قدم خلالها 135 فيلماً، لم يقدم دوراً شريراً واحداً.